هل سنأكل أدمغتنا ؟؟ مقتبس

يحكى أن عشيرة من النمل كانت تعيش على ضفاف أحد الأنهار وبدأت تعاني شظف العيش فقررت أن ترحل إلى الضفة الأخرى حيث العيش الوفير ولكن ما الوسيلة لذلك ؟ اجتمعت أفراد العشيرة و جمعوا بيانات عن الوسائل التي تنتقل بها الكائنات في الأنهار....وقاموا بالإطلاع على بعض مصادر المعلومات حتى توصلت إحدى النملات بملاحظتها إلى فكرة الانتقال عبر ظهر الضفادع ، درست العشيرة الحل مع باقي الحلول كالسباحة أو استخدام القوارب وغيرها ووجدت أن الحل الأول هو الأنسب ، وهكذا تفاوضوامع مجموعة من الضفادع لتنقلهم من باب مساعدة المحتاج ووصل النمل للضفة الأخرى ونجح في حل المشكلة . هذه القصة الافتراضية ليس القصد من ذكرها التأمل في خصائص النمل و أماكن معيشته و سلوكه الفطري بل الإشارة إلى كنز و هبه الله الإنسان و ميزه به عن سائر الكائنات ،هذا الكنز مكون من كتلة من الخلايا العصبية العجيبة تسمى الدماغ ، وظيفتها التفكير إذا الم تستخدم فمصيرها التلاشي و الجمود و الفناء كما يفعل حيوان التامور sea squirt بدماغه ، وهو كائن بحري صغير ينتقل سباحة وهو صغير مثل فرخ الضفدع وعندما يتحول إلى كائن بالغ يلصق نفسه إلى صخرة بشكل دائم ويحصل على غذاءه بالتقاط طفاوات البحر عن طريق تصفية مياه البحر ويبدأ في استهلاك دماغه ( أكله ) لعدم حاجته إليه مبقياً فقط على التي يحتاجها في التغذية عن طريق الترشيح . فهل ينتهي الحال بالذين لا يفكرون بأكل أدمغتهم مثل حيوان التامور ؟فالتفكير فريضة وعبادة تزيد من الإيمان وتحقق خلافة الإنسان في الأرض ونحن مأمورون بذلك شرعا حيث في القرآن الكريم أكثر من640 آية تحث على التفكير قال تعالى ( الذين يذكرون الله قياماً وقعوداَ وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض. ربنا ما خلقت هذا باطل سبحانك فقنا عذاب النار) ( آل عمران ، آيه 191)وكما أن العقل نعمة وهبها الله لنا وقدم لنا مفاتيحها وهي مهارات التفكير فأقل شكر لهذه النعمة أن نستخدمها فيما ينفعنا وفيما ينفع الآخرين و المتأمل في هذه النعمة يرى عظيم إعجاز الله في تركيب الدماغ البشري حيث يمتاز الشكل الخارجي له بكثرة تلا فيفه أو طياته والتي تغطى بقشرة رقيقة تسمى القشرة الخارجية ، ومن فوائدها أنها تسمح بزيادة مساحة القشرة الخارجية للدماغ بحيث تصل عندما تبسط إلى حجم صفحتي الجريدة اليومية ، رغم أن حجم الدماغ لا يتجاوز حبة البرتقال الكبيرة وتكمن أهمية هذه المساحة من القشرة المخية أن الخلايا العصبية الفعالة تقع فيها .كما أن عدد العصبونات ( الخلايا العصبية ) في الدماغ حوالي مليار وتشكل 10 % من الدماغ ويحتاج الإنسان 3171 سنة ليعد ها ( إذا كان يعد خلية كل ثانية ) .ولو وضعت جميع عصبونات الدماغ في صف واحد فإن طول هذا الصف سيصل إلى ( 1000 ) كيلومتر ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) ، وكل خلية يمكنها التفاعل مع واحد إلى 100000 خلية أخرى بطرق متعددة !!! لتكون النتيجة رقم واحد وجانبه 800 صفر من التفاعلات الممكنة .كما يتكون الجسم الجاسئ الذي يربط بين جانبي الدماغ من حزمة من الأعصاب عددها حوالي 250 مليون حبل عصبي (لذا تعتبر أعظم شبكة اتصال في العالم ) .و يمتاز الدماغ البشري بمساحة واسعة من الخلايا العصبية الشاغرة أي التي لم يخصص لها الله سبحانه وتعالى وظيفة محددة بل تركت ليبرمجها الإنسان ويعين لها الوظائف في ضوء خبرته وتربية مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وهذه الميزة هي التي تعطي الإنسان المرونة والقدرة على التعلم والحرية في التفكير .هذا و يحدث التفكير عندما يتصل الإنسان بالعالم الخارجي عن طريق الحواس أو يسترجع أفكاراً سابقة فتحدث عدد من العمليات العقلية الهادفة في دماغه ، فمثلاً يشم أحدهم وردة فتثير الرائحة الخلايا العصبية في الأنف لتحدث تغيراً كيماوياً ينتج عنه نبضةكهربائية تنتقل عن طريق الأعصاب إلى الدماغ ( القشرة المخية ) فتحدث تغيراً كيماوياً في أحد العصبونات أو مجموعة منها التي تحولها إلى نبضة كهربائية ثانية ويفسرها وتنقلها إلى عصبون آخر لتحدث تغيراً كيميائياً وهكذا حتى تصل لمركز القرار ليبت في الأمر ويرسل إما بمواصلة الشم أو قطفها أو قول سبحان الله (إدراك فتذكر فتفسير فاتخاذ قرار ) وكل خلية يمكنها أن تستقبل ما يزيد على ( 5000- 10000 ) إشارة من سائر العصبونات في الوقت الواحد ، وكلما ازدادت الارتباطات بين هذه العصبونات وزادت التفاعلات الكيميائية في الفجوات بينها ازداد الفهم والإدراك والتعلم .ووجد أحد العلماء أن قدرة المخ على وضع الأساليب والمخططات تتضمن عدداً من الأنشطة الكيميائية بين الخلايا العصبية ضخماً للغاية قد يبلغ طول كتابته باليد العادية 10.5 كيلومتر .ولذا قد لا يعرف هل هناك بشر استطاع استخدام عقله بكامل طاقته أو حتى أقترب من ذلك ؟من هنا يمكن القول أن التفكير طاقة عظيمة تقود لحياة أفضل ، فهو أداة لتوسعة الإدراك إذ أن ما نراه ونميزه يتوقف على الشروط التي يضعها عقلنا ، وكذلك على الجهة التي يركز عليها أو الجزء من الصورة التي تعامل معها عقلنا فقط وليس الموجود حقيقة ...فالحقيقة أكبر والعالم أوسع والواقع أكثر متعة وفائدة مما نتصوره وهذا يتوقف على درجة فعالية تفكيرنا .